أحدث المواضيع

3/recent/post-list

مهمشون في البادية

بلال نوالي يكتب: تلميذ في القرية
كنت أذهب للدراسة ممتطيا،دراجة هوائية بيضاء اللون،هكذا تحملت عبء الدراجة والمدرسة وأنا صغير السن ،كنت "سكليس " و تلميذ في نفس الوقت،بأيادي متسخة ،معرض دائما للإستفزاز من طرف ذوي الأيادي النظيفة والقلوب المتعفنة ،بل وحتى إستفزازات بعض الأساتذة كأستاذ الرياضيات....
  ذات يوم وأنا متجه لحضور إحدى حصصه، انقطعت فرامل دراجتي، فسقطت أرضا حتى تمزق سروالي....دخلت للقسم فتار إنتباهه سروالي المقطع،فأمرني بالنهوض أمام السبورة.... أشعل سيجارة وقال للتلاميذ:
  ما هذا المخلوق العجيب؟
 بهذه العبارة المستفزة أحسست حينها وكأني كائن لا ينتمي لبقية المخلوقات....الكل سخر مني،أحسست بالظلم والإحتقار الإجتماعي،تمنيت قدوم زلزال مفاجيء فأكون أنا والأستاذ أول الضحايا حتى يكف عن إستهزائه وسخريته
....إنتظرت إنتهاء حصة الحزن هاته بفارغ الصبر ،  إتجهت على الفور نحو الدكاكين المجاورة للإعدادية ،أقتنيت سيجارتين لكي أقتل كلمات المدرس ولإفراغ غضبي ومحو تلك الكلمات الجارحة .... لكنها نحتت في نفسيتي، فكانت هذه بداية درس من دروس الإدمان .....
 إحذروا أيها المدرسون،فكلمة مستفزة قد تقتل كيان تلميذ في أوج العطاء،حتى دراجتي البيضاء غيرت لونها إلى الأسود، معلنا السخط على الظروف الإجتماعية القاهرة وعلى أمثال هذا المدرس....
إخترت العزلة... وبدأت أكتب الشعر وأنظم القوافي... حتى كرهت مادة تدعى الرياضيات, أصبح ميولي الأكبر للمواد الأدبية ،لأني وجدت  ضالتي في الكتابة....
ذات يوم كتبت رسالة غرامية لفتاة مجهولة من نسج خيالي الهدف هو الإبداع وليس الفتاة، لكن أحد زملائي سرق الرسالة ومنحها لأستاذة اللغة العربية بهدف الإستفزار ،فقرأتها بجهر وقالت للتلاميذ كل واحد منكم يكتب رسالة غرامية ومن كتب أجمل سيحصل على نقطة أحسن أحسست بالفخر.... وبعد إنتهاء الحصة أعطتني إشارة أن لا أخرج من الفصل ،أغلقت باب الحجرة ،أمرتني بالجلوس على كرسي مكتبها،وقالت لي : 
أنا أعرف أنك تدخن... فأترك السيجارة وأتجه الى الكتابة فأسلوبك جميل... هل أنت تقرأ للشعراء؟ 
قلت لها:  أقرأ نزار قباني وقرأت بداية ونهاية لنجيب محفوظ
 سكتت لحظة....
هل تعرف معنى بداية ونهاية ؟
 أحنيت رأسي في خجل .... حتى أمرتني بالجواب فقلت لها :
لكل شيء بدايته ونهايته...

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.