الكاتب : حسن العلوي
إسمه الكامل ( كريغوري بافيموفيتش ) ، و يلقب ب ( راسبوتين ), و قد ولد عام 1869 م بقرية ( بوكروفسكوي ) في أرياف روسيا الباردة من أبوين فلاحين ، عاش منذ طفولته حياة الشغب و إثارة المشاكل و إرتكاب أعمال السرقة و ٱلأمور الغير أخلاقية، حتى قيل أن إسمه ( راسبوتين ) جاء نتيجة إنحلاله و شذوذه ، فما السر الذي جعل هذا الشخص ، شخصية تاريخية طبعت التاريخ المعاصر ؟
و كيف تمكن من إقتحام البلاط القيصري؟ و هل صحيح أنه من المساهمين في إنهاء حكم القياصرة بروسيا ؟
إسمه الكامل ( كريغوري بافيموفيتش ) ، و يلقب ب ( راسبوتين ), و قد ولد عام 1869 م بقرية ( بوكروفسكوي ) في أرياف روسيا الباردة من أبوين فلاحين ، عاش منذ طفولته حياة الشغب و إثارة المشاكل و إرتكاب أعمال السرقة و ٱلأمور الغير أخلاقية، حتى قيل أن إسمه ( راسبوتين ) جاء نتيجة إنحلاله و شذوذه ، فما السر الذي جعل هذا الشخص ، شخصية تاريخية طبعت التاريخ المعاصر ؟
و كيف تمكن من إقتحام البلاط القيصري؟ و هل صحيح أنه من المساهمين في إنهاء حكم القياصرة بروسيا ؟
لقد كان (راسبوتين ) صاحب شخصية جذابة و قوية منذ صغره ،شخصية تمزج بين القدرة الفائقة على الإقناع و المكر و الخديعة ،فقد أرهقت تصرفاته و أعماله كاهل أسرته مع إكتشافه الأولي للعالم الخارجي ، فمن النظرة الأولى تبين أنه شخص غير عادي ، فقد إرتكب العديد من السرقات، و كان مولعا بالشراب و حياة اللهو و المجون ، فبعد بلوغه سن الثلاثين أرغمته عائلته على الزواج ، حيث خلف من زواجه هذا أربعة أطفال ، دون أن يغير ذلك من أسلوب حياته الماجن ، ليقرر الفرار ذات مرة ، و ذلك جراء شبهة سرقة تلاحقه ، ليفر بعيدا عن موطنه الأصلي ، ليلجأ لأحد الأديرة التي سيكتسب فيها ( راسبوتين ) صفة الرهبانية ، هذه الصفة التي ستلتصق به طول حياته.
إختار ( راسبوتين ) طريق الزهد و الورع فكان لا يغير ملابسه و لا يتطهر لمدة طويلة، كما إختار أيضا أسلوب الترحال و التجوال، حيث تجول في كل ربوع بلده روسيا و خارجها ، و قد قاده تجواله هذا حتى وصل إلى اليونان و بالضبط جبل ( أثوس ) ، الشئ الذي أكسبه ود و بركة كبار الأساقفة هناك ، و في معرض جولاته و سفرياته الطويلة ، سيتعرف ( راسبوتين ) على طائفة متطرفة تتبنى طقوسا غريبة ، ستشكل فيما بعد مبدأ أساسيا ، سيستنبط من خلالها ( راسبوتين ) منهجه الديني ، فقد عرفت طقوس هذه الطائفة بإسم ( خاليستي ) ، و قد مزجت طقوسها بين ماهو ديني و ما هو غير أخلاقي ، حيث كانت هذه الطائفة تدعي أن الإنسان وجب عليه قضاء غريزته بموازات صلواته حتى يكتب له التواب المضمون و الأجر الجزيل ، فكانت هذه الطائفة تقيم محافل للممارسات الجنسية الشاذة التي تتخللها فقرات للصلاة و التعبد ، و قد أعجب ( راسبوتين ) بهذا المعتقد و جعله مرتكزا لمهامه الدينية ،بالإضافة إلى إدعائه بإمتلاك قوى خارقة و إلمامه بعالم السحر و الجان .
بعد صولاته و جولاته ، سيقرر ( راسبوتين ) الرحيل من عالمه الريفي القروي ،لمواكبة حضارة المدن و التطور ، فدخل الى مدينة ( سان بترسبرغ ) عام 1903 م ، فكان يلفت الإنتباه بأزيائه الغريبة و صفاته المثيرة ، فتأقلم بشكل سريع مع أجواء المجتمع الراقي،الذي و جده ( راسبوتين ) غارقا في الارستقراطية و الإيمان بعالم الارواح و السحر و التنجيم ، مما شكل لدى ( راسبوتين ) أرضية مناسبة للعمل و بث أفكاره الشيطانية ، حيث كان يعالج الأمراض الروحية ، و يقوم بأعمال السحر ، و أيضا كان راهبا طالما حظي بثقة الناس ، مما أكسبه شهرة واسعة ، بالإضافة إلى هذا كان وفيا لنزواته الغريزية ، فكان زير نساء و عاقر للخمور ، الشئ الذي طرح علامات إستفهام كبيرة حول إزدواجية شخصيته الغريبة .
لقد ساعدت العوامل السالفة على شهرة ( راسبوتين ) ، و كذى إتساع رقعة معارفه حتى الدوائر العليا ، ففي عام 1905 م ، ستساعده علاقاته الكنيسية على ولوح بلاط القيصر بتزكية من مسؤولي الكنيسة ، و الذي سيقضي فيه أزيد من 12 سنة ، وقد ساعده على هذا المقام الطويل ، تمكنه من معالجة ولي العهد ( ألكسي ) إبن القيصر( نيكولا الثاني ) و زوجته ( ألكسندرا ) ، حيث كان يعاني الأمير من مرض ( الهيموفيليا )، الذي فشل جميع أطباء روسيا في معالجته ، الشئ الذي أكسبه حظوة كبيرة لدى الأسرة الحاكمة ، و ميزة خاصة خصوصا من طرف زوجة القيصر ، التي و ثقت به و جعلته مقربا لها ، حتى تطورت علاقتهما إلى أبعد مدى ، و صل حد خيانة ( إلكسندرا ) لزوجها القيصر ، بل و صل الأمر إلى درجة تدخل ( راسبوتين ) في القرارات العليا للدولة ، خصوصا بعد خروج القيصر إلى قيادة الجيش إبان الحرب العالمية الأولى ، فأطلق ( راسبوتين ) العنان لغزائزه ، فعاشر زوجات النبلاء و الوزراء ، فأشتهر بينهن بقدراته الجنسية الخارقة ، كما قاد حملات للفتنة داخل البلاط للإطاحة بأعدائه ، و زعزعة إستقرار القصر القيصري ، مستغلا في ذلك قربه من زوجة القيصر التي فعل فيها الأفاعيل .
لقد تنبأ ( راسبوتين ) بموعد موته ، و قد كاتب القيصر في ذلك ، بل و تنبأ بأن موته سيشكل نهاية لحكم القيصر على روسيا ، و قد صدقت كل تنبؤاته ، فمنزلة ( راسبوتين ) لدى القيصر و زوجته ، و تأثيره على قرارات الدولة ، و حرية تصرفه داخل البلاط ،جعلت مجموعة من معارضي وجوده داخل البلاط من نبلاء و رجال دين ، يفكرون في خطط للتخلص منه ، فقام هؤلاء إلى دعوته في إحدى المناسبات ، فقاموا بدس السم له في إحدى الأطباق ، لكن السم لم يعطي مفعوله بنسبة كبيرة ، فقاموا بملاحقته و هو يتلوى من ألم السم ، ليقوموا بإطلاق النار عليه ليردوه قتيلا ، ليتم بعد ذلك التخلص من جثته في إحدى الأنهار المتجمدة ، و قد توفي عام 1916 م ، أما حكم القيصر فلم يدم سوى عام بعد ذلك ليتم إنهائه عام 1971 م فتصدق بذلك تنبؤات
ليست هناك تعليقات: